هناك، الإله و الإنسان، الطبيعة و الفن كلها اجتمعت لتصنع هذه المدينة الرائعة، فعلا إنها تستحق أن ترى!" هكذا يعرف الأديب الفرنسي لامارتين تلك المدينة التي مدت يدا إلى آسيا و أخرى إلى أوروبا و ضمتهما معا.
عرفت بعاصمة العواصم، قديما كونت منطقة السلام الواسعة بحكمها الإمبرطورية الرومانية ثم البيزنطية فيما بعد، تقوم المدينة الآن وهي التي كانت في يوم من الأيام عاصمة الدولة العثمانية بالتقدم الحثيث نحو المستقبل محافظة بفخر على تاريخها العريق. أعداد الزوار ذوي التطلعات المختلفة بازدياد إذ تقدم المتاحف و المساجد و الكنائس و القصور و الأسواق الشعبية و الطبيعة الخلابة إغرائات لا تنتهي. جربوا الجلوس على ضفاف البوسفور عند الغروب، ترون أشعة الشمس تنعكس على نوافذ المنازل في الضفة الأخرى بلونها الوردي الخلاب، و عندها فقط تدركون لماذا اختار الناس هذا المكان منذ مئات السنين، و تشعرون أن اسطنبول هي بحق مركز الدنيا.
أجمل آثار اسطنبول تقع في شبه الجزيرة المحصور بين بحر مرمرة و الخليج. مشهد مئات المآذن التي ترتفع على تلال المدينة يصيبك بالدوران! تشعر أنك تخوض غمار حلم غريب، بين الأمس واليوم!
يجب أن تزوروا مسجد السلطان أحمد المعروف بالمسجد الأزرق –لأنه زخرف بقطع الصيني الأزرق- بمآذنه الستة و الذي أصبح رمزا لاسطنبول. مقابل المسجد ترون متحف آياصوفيا الذي أنشئ على عهد الإمبراطور الروماني جوستنيان ليكون كنيسة؛ يحتوي هذا الصرح المعماري الفريد على أيقونات نادرة تصور السيد المسيح و السيدة مريم و الأباطرة الرومان. من على تلة أخرى يطل جامع السليمانية قمة الفن المعماري العثماني و الذي بناه المعمار سنان بأمر من السلطان سليمان القانوني.
على تلة مشرفة على مضيق البوسفور و بحر مرمرة، يقع قصر الطوب كابي و الذي كان على مدى 400 عام المركز السياسي و المسكن الخاص للعديد من السلاطين. هناك ترون مجموعات الخزف الصيني، العروش المذهبة و المزينة بالأحجار الكريمة، ملابس السلاطين، المجوهرات التي تذكرنا بالحكايا، المخطوطلت النادرة و صالات الحرملك التي أثارت الفضول لعصور خلت.
بين آيا صوفيا و جامع السلطان أحمد يقع ميدان السباق البيزنطي الشهير و الذي كان مرتعا لسباقات العربات المقامة في ذلك العصر. و في منتصف هذا الميدان تنتصب ثلاث مسلات تعود لنفس العصر. يعتبر قصر "يراباطان" أحد أهم خزانات المياه المقامة في العهد البيزنطي. يحافظ متحف "قارية" الذي يعتبر من أجمل الآثار البيزنطية على تصميمه الداخلي الأصلي المزين بالفسيفساء والرسوم الجدارية. مكان آخر جدير بالزيارة ألا وهو جامع السلطان أيوب (الصحابي الجليل أبو الأيوب الأنصاري). يقدم هذا المكان مع زقزقة الحمام جوا إيمانيا خلابا للذين جاؤوا يبحثون عن الطمأنينة.
إسطنبول مدينة تسعى للتطور في ظل تلاقي منشآتها الأثرية بالحديثة. ففي حين يصر السوق المغلق "قابلي جارشي" بشكله الذي يشبه المتاهة على حمل آثار الماضي، فإنه يعرض لنا آخر منتجات الحياة العصرية؛ المجوهرلت الساحرة، الأدوات النحاسية، السجاد والملابس الجلدية المتنوعة حيث يبقى الإنسان مشدوها بما يرى فيتجول لساعات دون أن يحس بالتعب.
تسحركم الحدائق، المقاهي، المطاعم، آثار قرى الصيادين، قلاع الروميلي و الأناضول حيصاري، المنازل الفخمة و قصور البكلربك الدولمة بهشة وغوك صو. و في نفس اليوم تستطيعون أن تتمتعوا بالمياه الرائعة على سواحل البحر الأسود و من ثم تجلسون في إحدى المقاهي على جوانب بحر مرمرة الهادئة تستمتعون بفنجان القهوة.
بالإضافة إلى تاريخها الفريد و ماضيها الثقافي العريق و جاذبيتها الخلابة، فإن الفنادق الحديثة و المطاعم الفريدة و الملاهي الليلية و الأسواق التاريخية و المحلات التجارية كلها تجعل من اسطنبول مكانا مناسبا للمؤتمرات و الحفلات.
(كتب وعن تجربة)